قراءة ممتعة رواية مطرقة الساحرات
المقدمة
معظم مقدمات المترجمين سمجة نعم لا تنكر هذا وافتح لي عينك هكذا واصبر واقترب أنت دائما تتجاوز مقدمات المترجمين الا مقدمة هذا الكتاب هنا قف وانتبه لأن هذا الكتاب شر وأنت لا ترمي الشر وتتركه هكذا أمام عيون الناس دون أن تقول أنه شر فلما كان هاروت وماروت يعلمان الناس السحر كانا يقولان انتبه هذه فتنة فلا تكفر وأنا أقول لك أيها الإنسان الذي يقرأ هذا الكتاب هذا الكتاب عن السحر وهذا الكتاب فتنة فتنت بها البلاد والعباد في العصور الوسطى سفكوا الدم باسم هذا الكتاب وحرقوا البشر باسم هذا الكتاب. هناك غصة تلازمني منذ أن بدأت في ترجمة هذا الكتاب وإنها والحق يقال لا زالت تلازمني إن أضعف أنواع الشر هو الذي يقول لك أنا شر فإذا اقتربت مني ودخلت عالمي فأنت شر مثلي ولكن الشر الذي يغلف نفسه بغلاف الخير ويبتسم لك ويقول هلم إلى عالم النور إني أنا الخير وأنا الصلاح فإذا اقتربت منه فقد دخلت إلى عالم منحط هذا هو نفس العالم الذي خرج منه هذا الكتاب . خطوة بخطوة يغسل هذا الكتاب دماغ الشخص غير المتعلم والشخص الأوروبي العامي الذي عاش في لجج الجهالة في عصر الظلام في القرن الثالث عشر حتى صنع مجتمعا كاملا في قارة كاملة بعقول خربة لأنه كان يغسل العقل من أي منطق يحمله ويضع بدلا عنه عفنا وروثا ويحشوه بالقسوة والتعصب فأنتج رجالا يسيحون في الأرض يحرقون النساء باسم الرب ثم ينظرون إلى السماء ويبتسمون وبالمناسبة لونزل هذا الكتاب في أي قرية من قرى العالم الحديث من التي لم يصل لها نور العلم فإن النتيجة ستكون واحدة دماء وصرخات نساء وأطفال .
رواية مطرقة الساحرات |
مما جاء في هذا الكتاب
وإن المحزن أن بعضا مما جاء في هذا الكتاب يؤمن به الناس في مجتمعنا اليوم ويتناقلونه بينهم الساحر يقدر أن يفعل كذا وكذا وهو يرسل عليك الشيطان الذي يمكنه أن يقتلك ويمرضك وينكحك فقط اقرأ وسنن سيفك فلربما تريد أن تقطع رأس ساحر ما وتصير إلى عصر الظلام مع إنسان أوروبا فالقرن الثالث عشر . هناك كثير من الكتب في هذا العالم تحدثت عن السحر لكن مطرقة الساحرات هو في كفة وحده فهو بمثابة داهية أصابت العالم فهو الأهم والأخطر وأهميته في أنه كان الشعلة التي أثارت حملات شعواء في أوروبا لثلاثة قرون من الزمان تحرق كل من تنطبق عليه السفاهات التي ذكرت في الكتاب وأهميته في أنه أفضل ملخص لعلم الشيطانيات في تاريخ الكتب أنت هنا تفهم كيف كان الناس أيامها يرون الشيطان وإني قد انتبهت لنفسي كثيرا بينما أترجم هذا الكتاب أنني أصفق للشيطان الذي جعل أمما وإمبراطوريات تنظر إليه بهذه النظرة المهيبة . بموافقة من البابا وتأييد من الكنيسة الكاثوليكية وانطلق المفتشون في حملاتهم كالمسعورين يقبضون على خصوم الكنيسة السياسيين ويلفقون لهم تهمة السحر ويحرقونهم وأصبح كتاب مطرقة الساحرات بمثابة مذكرة عملية موضوعة في كل المحاكم في أوروبا ليس فقط في عصر الظلام بل في الثلاثة قرون التي تليه من عصر النهضة من القرن الثالث عشر وحتى السادس عشر فحرقوا أكثر من ربع مليون إنسان نساء ورجالًا وأطفالًا والتهمة جاهزة ساحر . حظي هذا الكتاب بفرصة ذهبية جعلته ينتشر كالنار في الهشيم ويصل إلى رجل الشارع صدري أيام ثورة التقنية في عالم الطباعة والمطابع فأصبحت الكتب تصدر بآلاف النسخ وكان هذا الكتاب هو أكثر الكتب انتشارا في أوروبا في وقته وتطبع معظم الشعب بطباع الكتاب السوداء الذي يعتبر مثلا أن كل النساء شريرات بالفطرة و لقد كنت أترجم هذا الكتاب وأنا قلق من أن ينسب إلي على أني أنا مؤلفه فمعظم مؤلفات المنفلوطي مثلا هو مترجمها وليس مؤلفها لكن الناس ينسبونها إليه لكن أن ينسب إلي هذا الشر فهذا مما لا أحبه لا أريد أن يأتيني شخص
نقاش
ويقول أنت كتبت في مطرقة الساحرات كذا بينما روايتك « ملائك نصيبين فيها كلام هو النقيض تماما إن كاتب هذا الكتاب هو ( هينريتش كريمر ) وهو شخص في غاية البشاعة الروحية ولقد مات منذ أكثر من خمسمئة عام . لقد ترجمت هذا الكتاب لأنني أريد أن أبين كيف تغسل عقول البشر وكيف تشنع خصومك السياسيين وتجعل الشعب كله يكرههم ويصفق لك عندما تقتلهم وتسجنهم ولكل عصر أدواته التي تغسل بها عقول أصحابه ، لكن والحق يقال بعد انتهاء عصر النهضة وبداية عصر النور في أوروبا من بداية القرن الثامن عشر تراجعت الهيئات الرسمية المسيحية عن كثير مما جاء في الكتاب وكثير مما حصل في محاكم التفتيش بل وانتهت حملات التفتيش إلى الأبد وكثير من علماء اللاهوت المسيحي اتهموا الكتاب بأنه يشرعن الطرق غير الشرعية وأنه غير موافق لعقيدة الكاثوليك عن علم الشيطانيات. وقلبت صفحة ذلك العصر وبدأت صفحة جديدة مع طرق جديدة للسيطرة على البشر وشياطين جدد . كاتب الكتاب هو هينريتش كريمر قسيس ألماني خبيث وكان معه في التأليف جاكوب سبرنجر قسيس ألماني خبيث آخر لكن أغلب الكتاب كتبه هينريتش كريمر القصة أن هينريتش هذا كان مهووسا بملاحقة الساحرات لسبب ما وأقام الدنيا وأوصل الأمر إلى البابا إنوسينت الثامن وأعطاه البابا أمرا شرعيا رسميا بالبدء في ملاحقة الساحرات ومحاكمتهن وإبادتهن من على وجه الأرض وأعطيت هذه المهمة لمفتشي حملات التفتيش الذين كانوا هم الكائنات الأكثر شرا على ظهر الكرة الأرضية وقتها . وحدث أن هينريتش كريمر بدأ يشرف على حملات إبادة الساحرات هذه نفسه حتى نزل مدينة ذات مرة و تشاجر مع امرأة لأنه كانت لديه عقدة ضد المرأة عامة .. وعلى حظه كانت هذه المرأة هي هيلينا شيوبيرين ، امرأة نمساوية قوية مستقلة لا تخاف من شيء فلما تشاجر معها كريمر لعنته على الملأ وجعلته بين رجاله كالجرذ إذ قالت له « اللعنة عليك أيها الراهب القبيح الخبيث ، فليأخذك الشر مع الساقطين » < وجن جنون كريمر > خاصة أن هذه المرأة كانت تمنع الناس من حضور خطبه المملة حتى أنها دخلت ذات مرة في أحد محاضراته وصاحت علانية
المفتشين هم أقذر الناس وأنهم عصبة شيطانية
إن المفتشين هم أقذر الناس وأنهم عصبة شيطانية ، وكما هو متوقع اتهمهما كريمر ضمن حملته الشعواء بأنها ساحرة وحوكمت . أثناء محاكمة هيلينا كان كريمر لا يستطيع أن يثبت شيئا فبدأ يتكلم عن سلوكها الجنسي بشكل سخيف جدا ، مما جعل الأسقف نفسه يتهم كريمر بالسخافة وأنه يفترض أمورا لم تثبت ، وتمت تبرئة هيلينا ، وهنا وقف هينريتش مع نفسه وقفة وقرر أن يخرج علينا هذا الكتاب ، مطرقة الساحرات الذي يشرح كيف تشتبه في الساحرة وكيف تحاكمها محاكمة صحيحة وأصبح هذا الكتاب بعد وفاة كريمر كما قلت موجودا في كل محكمة في أوروبا والمحرك الأساسي لكل حملات التفتيش على الساحرات لثلاثمئة سنة . بعد هذا الكتاب كتب باللغة اللاتينية عام 1487 أولا ثم تُرجم إلى ا الألمانية ، حوالي 400 سنة عام 1906 ثم تُرجم إلى الانجليزية بعد سبعة عشرة سنة عام ۱۹۲۳. ، ثم ترجم الآن إلى العربية بعد حوالي مئة سنة . قبل أن تقرأ هذا الكتاب لا بد أن تعرف كيف ستقرؤه لأنني سأتركك بعد هذه المقدمة حيث أنني لم أتدخل بحرف واحد على كلام هينريتش لا بشرح ولا بهوامش
ترجمته هكذا تماما كما كتبه هينريتش وصاحبه جاكوب
هذا الكتاب على ثلاثة فصول تختلف عن بعضها في الأسلوب وهو شيء جيد نوعا ما ويكسر الملل الفصل الأول هو أسئلة وأجوبة عن السحر والساحرات والشيطان وقدرات الشيطان الفصل الثاني عن علاج المسحورين وقصص الساحرات الشهيرات التي واجههن هينريتش في حملته أو سمع عنهن من مفتشين آخرين الفصل الثالث هو عن الإجراءات القانونية التي تتخذ ضد الساحرات منذ نقطة الاشتباه فيهن إلى حرقهن . هناك نقطة مهمة في الفصل الأول نجده أولا يكتب السؤال كعنوان رئيسي وهو دائما سؤال عن شيء مخالف لإيمان هينريتش مثلا هل حقا الساحرات شيء وهمي ولا قدرات حقيقية لهن ؟ ثم يبدأ في عرض الحجج المؤيدة لهذا السؤال وكيف احتج بها أصحابها الذين يؤمنون أن الساحرات وهم ثم يكتب كلمة ( الإجابة )
يبدأ في الرد على الحجج واحدة واحدة حتى ينتهي منها ويقنعك
ويبدأ في الرد على الحجج واحدة واحدة حتى ينتهي منها ويقنعك بوجهة نظره لكن لاحظت أنه يبدأ الرد على الحجج قبل كلمة ( الإجابة ) بفقرة أو اثنين ولعل هذه الفقرة أو الاثنتين هي رد صاحبه جاكوب سبرنجر وهو جعلها متضمنة في سياق الكلام لكني تركت نظامه الذي ارتضاه لكتابه كما هو ولم أغير فيه شيئا . إذا كنت تمل سريعا من الحجج وغسيل الأدمغة فاقرأ الفصل الثاني أولا ففيه كثير من قصص الساحرات العجيبة وكيف يأكلن الأطفال ويطحن عظامهم ويعملن منها مراهم لوصفاتهن السحرية وكيف يضاجعن الشيطان ويعملن معه العهد في اجتماع الساحرات حيث يظهر لهم في صورة إنسان وكيف يطرن بالمكانس في الهواء لقد اتضح لي أن ساحرات ديزني ليسوا وهما خياليا وأن هذا كان شيئا دينيا يؤمن به شعب كامل والرجل يقنع القارئ بهذا بالحجة وبالدين وباسم الرب وباسم المسيح . ستجده يقتبس كثيرا من كلام قديسين مهمين مثل ( القديس « توماس » ) وهذا هو توما الأكويني ، وهو قسيس وقديس وفيلسوف إيطالي أثر على الفلسفة الغربية كلها وسموه فيلسوف الكنيسة الأعظم ويقتبس أيضا كثيرا من ( القديس « أوجستين » ) وهذا هو أغسطينوس ، قديس وكاتب وفيلسوف وهو أهم شخصية مؤثرة في المسيحية بشكل عام ويقتبس من ( جون نيدار ) وهو عالم لاهوت ألماني اشتهر بكتابه Formicarius الفيلسوف الديني الشامل الذي كان من خمس مجلدات ، آخر مجلد منهم يتحدث عن السحر ويسرد حكاية المفتش بيتر جرايز حيث قبض على ساحر وعمل معه مقابلة كاملة تحدث فيها الساحر بالتفصيل عن طرق السحرة في قتل الأطفال وغيرها . ويقتبس كثيرا من الكتاب المقدس ويضع الكلام بين علامتي تنصيص « » ويكتب السفر ورقم الآية ويقتبس أيضا من كتاب مهم يسميه ( الشريعة ) وهذا يعني به القانون الكنسي وهي القوانين التي تحكم بها السلطة الكنسية ويسري على كل الكنائس ، وكان ساريا أيام كانت الكنيسة تحكم في القضايا المدنية . ثم انتهى هذا بعد الإصلاح البروتستانتي والقوانين الحديثة الآن للدول الأوروبية استقت كثيرا من تشريعاتها من هذا القانون الكنسي.
في النهاية أقول ، لقد عرفت هذا الكتاب أول مرة من العراب الراحل العظيم دكتور أحمد خالد توفيق حيث أتى على ذكره في أكثر من عدد من سلسلة ما وراء الطبيعة وتحدث عنه باختصار في كتابه موسوعة الظلام وكان لدي فضول لأعرف ما هو هذا الكتاب ولما قرأته عرفت أهميته جيدا وإن كل كتاب مهم يترجم إلى لغة يكون مثل نجمة كانت منطفئة حتى تضيء في سماء تلك اللغة فيقرؤه المتحدثون بها ويعرفوه بيديك ولهذا قررت أن أهدي هذا الكتاب للمكتبة العربية.
الدكتور :أحمد خالد مصطفى
اسم الملف: pdf